نور عويتي - خاص السورية نت
أصبح السوريون وعلى وجه الخصوص المعارضين منهم، أكثر
المتضررين من عودة العلاقات الدبلوماسية بين السودان، ونظام بشار الأسد، لا
سيما بعد فرض الخرطوم الفيزا على فئة من السوريين بشكل مفاجئ، لتحرمهم
بذلك من أحد المتنفسات الأخيرة التي يقصدها اللاجئون.
وتلتزم السودان الصمت حيال هذا الإجراء الجديد الذي بدأت
بتنفيذه، وهو ما أكدته شهادات خاصة لـ"السورية نت" من سوريين مُنعوا من
السفر إلى الخرطوم لعدم وجود الفيزا.
وحتى مايو/ أيار 2018 كان بإمكان السوريين الدخول إلى السودان من دون "فيزا"، وهو ما أظهره تقرير لمحطة "سكاي نيوز" عربي (link is external)، كانت قد تحدث إلى سوريين وصلوا في ذلك التاريخ إلى الخرطوم، وتحدثوا عن تسهيلات الدخول إليها بدون شرط "الفيزا".
وبحسب المعلومات التي تم الحصول عليها، فإن الخرطوم فرضت
"الفيزا" على السوريين الراغبين بالسفر إليها من خارج سوريا، واستثنت من
هذا الشرط السوريين القادمين من داخل بلدهم مباشرةً، ليبدو واضحاً أن الغرض
من هذه "الفيزا" هو فرض المزيد من التضييق على السوريين المهجرين في
الخارج لإجبارهم على العودة إلى بلدهم.
وسيمثل هذا القرار في النهاية تعقيداً لا طائل منه للسوريين
بمن فيهم المساندين لنظام الأسد، بينما سيمثل أزمة أكبر بالنسبة للمعارضين
السوريين، الذين تمثل عودتهم إلى سوريا خطراً على حياتهم بشكل مباشر؛
لاسيما وأن القرار تم تفعيله دون أن تعلن السلطات السودانية عنه، وهو ما
تسبب باحتجاز 8 سوريين أمس السبت 12 يناير/ كانون الثاني 2018 في مطار
"رفيق الحريري" في بيروت.
وقال مركز "وصول" لحقوق الإنسان في لبنان، إن هؤلاء اللاجئين
احتجزتهم السلطات اللبنانية وبينهم فتاة، بعد عودتهم من مطار الشارقة التي
كانت محطة (ترانزيت) قبل الوصول إلى السودان (وجهتهم الأساسية في الرحلة).
وكان هؤلاء قد وصلوا مطار لبنان البارحة متجهين نحو السودان،
ولكنهم أعيدوا إليه من مطار الشارقة، الذي أجبرهم على عدم متابعة رحلتهم
إلى السودان، بحجة أنهم تلقوا قراراً صدر ظهر أمس من السلطات السودانية
يوجب على السوريين القادمين من لبنان الحصول على تأشيرة دخول إلى السودان
عبر السفارة السودانية في بيروت.
وفي مطار الحريري، أجبرت السلطات اللبنانية خمسة من السوريين
العائدين من الشارقة على التوقيع على أوراق لترحيلهم إلى سوريا، وأجبرت
البقية على توقيع تعهدات للحصول على فيزا من السفارة السودانية، قبل أن
تفرج عنهم.
ومنذ ليلة أمس، تسبب القرار بإلغاء رحلات الكثير من السوريين،
وبدأ السوريون ينشرون تحذيرات على صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل
الاجتماعي من السفر إلى السودان.
"السورية نت" تواصلت مع البعض منهم لمعرفة المزيد من التفاصيل
حول ما حدث معهم، وقال محمد (سوري في السادسة والعشرين من عمره، مقيم في
السويد): "لكي أتمكن من لقاء خطيبتي الفلسطينية السورية، قمت بتأمين إذن
دخول لها للأراضي السودانية، وحجزت لها ولي تذاكر للطيران إلى السودان؛
ولكن البارحة تفاجأت في المطار أنني غير قادر على المتابعة بالرحلة، بسبب
فرض السودان فيزا على السوريين في لبنان، وتسبب ذلك لي بأضرار مادية تصل
ل700 دولار أمريكي، ما بين حجوزات الفنادق وتذاكر الطائرات والمواصلات
وغيرها".
وأضاف: "الأسوأ يكمن في أن إذن الدخول الذي حصلت عليه لخطيبتي
مدته شهر واحد فقط، وأن الوقت الذي يتوجب علي أن أنتظره للحصول على فيزا
يتجاوز الشهر"، ويتطلب الحصول على "فيزا" للسودان فترة قد تصل إلى الشهر.
وانتقد محمد القرار، وقال إنه "من غير المنطقي أن يصدر قرار
كهذا ويتم تنفيذه على الفور، هناك عدد كبير من السوريين المتضررين من
القرار بسبب شرائهم للتذاكر ودفعهم أجور الحجوزات التي تتم مسبقاً. كان يجب
على الأقل أن يحدد موعد تنفيذ القرار بعد شهر من إصداره بأقل تقدير".
اللاجئون متخوفون
من جانبه قال محمد (سوري في الثلاثين من عمره، مقيم في
لبنان): "تفاجأت اليوم عند وصولي إلى مطار رفيق الحريري في بيروت بالسؤال
عن الفيزا التي تؤهلني للدخول إلى الأراضي السودانية، علماً أنني سبق وأن
سافرت عدة مرات إلى السودان من قبل، وكنت أحصل على الفيزا في المطار. وتسبب
ذلك بالتأكيد بأضرار مادية، تتعلق بثمن تذكرة الطائرة وأجرة المواصلات
والتنقلات وغيرها، فأنا أقيم في طرابلس، والحركة في هذه الأجواء الباردة،
ومع كل هذه الحقائب أمر ليس سهل أبداً".
ومن ناحية أخرى، قال أبو ربيع (سوري مقيم في الخرطوم في
السابعة والثلاثين من عمره): "الأوضاع في السودان لا تبشر أبداً بالخير، هي
بلد فقير وليس بها فرص، والسوريون كانوا يقدمون إليها بسبب عدم فرضها
للفيزا، وجميعنا هنا ننتظر أن نسافر لمكان أفضل. وأما الآن، وبعد أن فرضت
فيزا، فلا أعتقد أن السوريين سيتوافدون إلى السودان مجدداً، من يريد الحصول
على فيزا للسفر من الأحرى به أن يسافر لبلاد أخرى فيها فرص جديدة وجيدة
للحياة الكريمة، وهذه أمور لا تتوافر هنا".
وأضاف: "أعتقد بأن قرار فرض الفيزا هو لتطفيش السوريين
وتنفيرهم من البلد، علماً أن السوريين أنعشوا الاقتصاد السوداني بسبب ما
يضخونه من أموال فيها، وهذا ما يقوله أصدقائي السودانيين هنا".
وعقب زيارة الرئيس السوداني، عمر البشير، لرأس النظام في
سوريا بشار الأسد نهاية العام الماضي، توقع محللون سياسيون أن الزيارة
ستفتح الباب أمام تطبيع عربي مع نظام الأسد، رغم مهاجمته سابقاً لتسببه
بمقتل ما لا يقل عن 500 ألف شخص، وإجبار قرابة 11 مليون شخص على الخروج من
منازلهم، بعدما باتوا نازحين ولاجئين.
وانعكست نتائج زيارة البشير سريعاً، حيث أعادت الإمارات
والبحرين فتح سفارتهما في دمشق، تلتها دعوات لعودة النظام للمشاركة بالقمة
العربية، إلا أن تقارب البشير الأسد بدا تأثيره أسرع على السوريين.