في وقت تستمر فيه الدول العربية بالترويج لإعادة اللاجئين
السوريين إلى بلدهم، تشير تقارير إلى أن تركيا أيضاً تروج لعودة السوريين
إلى بلدهم و"تريد أن تتخلص منهم"، لكن ما مدى صحة هذه التقارير؟
وبينما تحذّر الأمم المتحدة من إجبار اللاجئين على العودة، تؤكّد الحكومة اللبنانية أن عودتهم "طوعية". وقد شكّلت قضيّة عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم أولوية على جدول أعمال القمة الاقتصادية العربية في بيروت،
والتي دعت المجتمع الدولي في بيان لـ" تقديم المساعدات للنازحين واللاجئين في أوطانهم تحفيزاً لهم على العودة". وتقدر السلطات اللبنانية وجود نحو مليون ونصف مليون لاجىء سوري على أراضيها، يعيش غالبيتهم في ظروف صعبة، وتقول إنهم يثقلون كاهل الاقتصاد اللبناني الهش أصلاً.
"عدم وجود سياسة اندماج يعني تشجيع العودة"
لكن مجموعة الأزمات الدولية تقول في تقرير لها إن الحكومة التركية لم تقم بتطوير استراتيجية طويلة الأمد لإدماج اللاجئين السوريين، وتضيف أن تركيا ترغب الآن في تشجيع السوريين على العودة إلى ديارهم في أقرب وقت، حيث تخشى حكومة حزب العدالة والتنمية من ردة فعل شعبية إذا بدت وكأنها تقبل إقامة السوريين في تركيا بشكل دائم.
ويرى مراسل صحيفة "دير شبيغل" الألمانية في اسطنبول مكسيميليان بوب أن الضغط المحلي على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جعله يغير من سياسته تجاه اللاجئين السوريين، رغم أنه يعلن التزامه بحماية السوريين الفارين من الحرب. يقول بوب: "الآن يريد أردوغان التخلص من اللاجئين بأسرع ما يمكن".
ويضيف بوب أن الحكومة التركية أغلقت العديد من مخيمات اللاجئين، من أجل توفير المال، في وقت تشجع فيه العديد من السوريين على العودة إلى ديارهم بشكل طوعي، أو ترغمهم على التوقيع على أوراق يقرّون فيها أن عودتهم "طوعية"، على حد تعبير بوب.
اللاجئون السوريون في تركيا- أعباء إضافية على الخدمات العامة ومكاسب ليست قليلة للاقتصاد
"تركيا ترحّل اللاجئين"واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش العام الماضي تركيا برفض تسجيل بعض اللاجئين السوريين، ما جعل ترحيلهم أسهل. وفي تقرير جديد هذا الأسبوع، تؤكّد المنظمة مرة أخرى أنه تم تعليق تسجيل اللاجئين السوريين في عدد من المحافظات التركية وأن "قوات الأمن التركية اعترضت ورحّلت الآلاف من طالبي اللجوء السوريين الواصلين حديثًاً من على الحدود التركية السورية".
وتقول جمعية حقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية في أنقرة، إن الحماية المؤقتة الممنوحة للسوريين في تركيا "لا توفر لهم إمكانية الحصول على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وتشوبها بانتظام حالات الاعتقال التعسفي، وعقبات على حرية التنقل داخل تركيا،
بالإضافة إلى حالات الترحيل إلى سوريا". وفي تقريرها عن تركيا لـ 2017/2018، أشارت منظمة العفو الدولية إلى "استمرار التقارير عن الإعادة القسرية للاجئين وطالبي اللجوء، بما في ذلك إلى سوريا"، مشيرة إلى "المخاطر المستمرة للإعادة القسرية" التي يواجهها السوريون.
وفي تحقيق أجرته صحيفة الغارديان البريطانية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي رفضت مديرية الهجرة في تركيا الاتهامات، وكتبت في رسالة إلى الصحيفة: "بناءاً على قانون حظر الإعادة القسرية، فإنه لا يتم ترحيل السوريين بأي شكل من الأشكال".
أما اتحاد التضامن مع طالبي اللجوء والمهاجرين (SGDD-ASAM)، والذي يعمل مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فقد قال: "لا توجد معلومات ملموسة حول هذه المسألة، لكن من المعروف أن مهرّبي البشر يؤلّفون هذه القصص من أجل خلق تصورات خاطئة".
"طريق الموت إلى أوروبا"
وسواء كانت عمليات ترحيل اللاجئين السوريين من تركيا حقيقية أم مجرد شائعات، فإن المهربين هم الذين يستفيدون منها بالدرجة الأولى. فكلما ازدادت رغبة السوريين في تجنب إعادتهم قسراً إلى بلدهم، ازداد الطلب على المهربين لمساعدتهم على الوصول إلى أوروبا بدلاً من ذلك.
وهذا ما يخلق مشكلة أكبر بالنسبة لأنقرة، حيث أنه من المفترض أن تضمن تركيا، بموجب اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي، عدم دخول أي مهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي بشكل غير منتظم عبر حدودها.
ومن أجل هذا، تقدم أوروبا مليارات الدولارات كمساعدات لتركيا من أجل دعم اللاجئين فيها. المشكلة الأخرى بالنسبة لتركيا - إذا كانت ترحّل اللاجئين السوريين بالفعل - هي أنها تخالف بذلك قانون مناهضة الإعادة القسرية، وهذا ما قد يضر بعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي.
ماريون ماكغريغور/محيي الدين حسين/ مهاجر نيوز