المهاجر نيوز
نظام جديد للهجرة يقوم على "نظام
النقاط"، كشفت عن بنوده الحكومة البريطانية أمس، وسيدخل حيز التنفيذ مطلع
كانون الثاني/يناير عام 2021 في ظل انتقادات حادة لمضمونه. لا يفّرق النظام
الجديد بين مواطني الاتحاد الأوروبي وغيرهم ويفرض معايير محددة وشروط على
الأشخاص الراغبين في العيش على أراضي المملكة المتحدة.
"سوف
يدخل نظام الهجرة حيز التنفيذ في بداية كانون الثاني/يناير 2021، لوضع حد
لحرية الحركة واستعادة السيطرة على الحدود واستعادة ثقة الشعب البريطاني"، هكذا عبّرت وزيرة الداخلية البريطانية برتي باتل، عن نظام الهجرة الجديد الذي وصف بإجراءاته "الصارمة".
كشفت
حكومة بوريس جونسون عن نظام الهجرة الذي يعتمد على "النقاط" يوم الأربعاء،
وقوبل بانتقادات لاذعة لاسيما جراء المصطلحات التي جاءت في بيان نظام الهجرة الجديد، كاستخدام تسمية "موظف قليل الكفاءة". ونشرت تغريدات انتقادا على تلك التسميات "هل طفح كيل أحدكم من وصف موظفي الصحة بأنهم عمال قليلو الخبرة؟".
نظام النقاط الجديد
ومع أن الهدف من تنفيذ النظام الجديد بحسب بوريس جونسون، هو اقتصادي بحت إلا أن الهدف الأول والأخير بحسب محليين، هو الحد من هجرة مواطني دول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى إلى المملكة المتحدة للبقاء والحصول على عمل والاستفادة من المساعدات الاجتماعية.
هذا لا يعني منع الجميع، ولكن يعني أن المملكة المتحدة ستقوم بانتقاء المهاجرين واستقطاب آخرين حول العالم، من أصحاب الخبرات والكفاءات، لاسيما في المجالات العلمية والطبية والتكنولوجية، وحاملي الشهادات العليا وخاصة شهادة الدكتوراه، للقدوم إلى بريطانيا. وبحسب هذا النظام المستوحى من نظام النقاط الأسترالي، ستعامل المملكة دول الاتحاد الأوروبي بشكل متساو مع غيرهم من المهاجرين، فالكفاءة وملائمة الشروط هي موضع المقارنة الوحيد، بحسب الرواية الرسمية.
في 13 صفحة تقريبا، كشفت الحكومة عن نظام النقاط الجديد للهجرة، بمقدمة تحدد الغايات والأهداف من هذه الإجراءات الجديد جاء فيها "نسعى من خلال هذا الإجراء استقطاب العمال ذوي الخبرات العالية، الذين نحتاجهم للمساهمة في اقتصادنا ومجتمعاتنا وخدماتنا الاجتماعية... للمرة الأولى منذ عقود ستتحكم المملكة المتحدة بزمام الأمور فيما يتعلق بمن سيدخل إلى أراضيها وكيف سيعمل نظام الهجرة فيها".
ويوضح البيان من خلال فقرات صغيرة بعضها تفصيلي والآخر شمولي، من هم المهاجرون المستهدفون وما هو نظام النقاط؟ وما القطاعات التي تتطلب ذوي الكفاءات العالية والكفاءات المتدنية؟
الإجراءات الجديدة لا تشمل اللاجئينيظهر في أحد بنود البيان أن هذا النظام "لا يشمل موضوع لم شمل الأسر وطالبي اللجوء والمهاجرين الذين يعبرون الحدود بطريقة غير شرعية"، ولكنهم سيكونون مشمولين بإجراءات خاصة ضمن سياق التغيرات في نظام الهجرة البريطاني.يمن القيسي، موظفة في منظمة حقوقية، رأت بأن اللغة التي صيغ فيها البيان "شمولية ومتعالية ولا تخلو من الكراهية للمهاجرين"، وهي من وحي اللغة التي استخدمتها الحكومة خلال مرحلة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
تقول الشابة البريطانية لأب مهاجر عمل بعد وصوله إلى المملكة في قطاع البناء، "من خلال جملة كهذه وردت في البيان ‘نحن عازمون على خلق اقتصاد مرتفع الأجور ذو كفاءة عالية وإنتاجية مرتفعة’ نفهم أن البيان ببساطة يوضح بأن المهاجرين القادمين من الاتحاد الأوروبي أو غيره كانوا جميعا يعملون بأجور منخفضة، وهم غير كفؤ والنتائج التي قدموها من خلال عملهم متدنية وسيئة".تضيف القيسي "لا أعتقد أن اتهامات كهذه غريبة عن شخص كجونسون وهو من قاد حملة البريكست بناء على أكاذيب ومبالغات".
كيفية تقسيم النقاطنظام الهجرة الجديد يعتمد فعلياً على كسب عدد معين من النقاط (70 نقطة)، مقسمة على معايير وشروط يجب على المهاجر تحقيقها ليحظى بفرصة الهجرة إلى المملكة المتحدة. وتشمل شرط معرفة اللغة الإنكليزية والحصول على عقد عمل أو عرض رسمي بالعمل، ألا يقل الراتب السنوي عن 20,299 جنيه إسترليني، وهناك نقاط إضافية بحال زاد الراتب الشهري عن القيمة الدنيا الموضوعة وحاملي شهادات الدكتوراه في أي حقل.ويزيد عدد النقاط إن كانت الشهادة في الحقل الطبي أو الهندسي أو التكنولوجيا. وبالنسبة للطلاب فيجب أن يحصل الطالب على قبول من إحدى الجامعات البريطانية، بالإضافة إلى إلمامه وتحدثه باللغة الإنكليزية وقدرته على تحمّل جميع مصاريفه طوال مدة الدراسة.
"هذه إهانة لاسكوتلندا"
وزيرة اسكوتلندا الأولى نيكولا ستيرجيون، انتقدت نظام الهجرة الجديد واعتبرته مدمراً لاقتصاد اسكتلندا
قائلة "بناء على تعداد السكان في اسكتلندا، يجب علينا استقطاب المزيد للقدوم. وهذا
النظام يجعل الأمر صعباً".
فيما وصف الرئيس
التنفيذي للتحالف السياحي الاسكتلندي لخطط وستمنستر، بأن ذلك "أكبر تهديد للسياحة في
اسكتنلدا خاصة وأن واحدة من كل خمس وظائف في قطاع السياحة يشغلها مهاجر". ونقلا عن صحيفة الغارديان البريطانية قال الرئيس التنفيذي لشركة اسكتلندا للأغذية
والمشروبات، جيمس ويذرز، إن التأشيرة الاسكتلندية "باتت أساسية الآن". وتحدثت
وسائل إعلام عن تضرر قطاعات أخرى في اسكتلندا اعتبرتها الحكومة في بيانها "مهن
متدنية".
إلا أن وزير مكتب اسكتلندا دوجلاس روس، رد على الانتقادات قائلا "إن النظام
الجديد سيعمل لصالح اسكتلندا والمملكة المتحدة بأكملها".
كنده
علي، لاجئة في بريطانيا عبرت عن أسفها من صرامة الإجراءات الجديد رغم أن
ذلك التغيير لا يشملها، "هذا القرار ظالم لعدد كبير من الناس، وخاصة شرط
اللغة، فالمهاجر يكتسبها ويألفها من خلال العمل، ومن الصعب منعه من الدخول
لهذا
السبب. هناك أشخاص وتجارب جلية علمنا من خلالها أن ليس جميع المهاجرين
سواء،
وهناك كثيرون ممن بدأوا بمهن متواضعة وأسسوا بعدها شركات كبيرة تساهم في
دفع عجلة
الاقتصاد، أعتقد أن المملكة تسعى جاهدة لإبقاء الجميع خارجها".
وعن شرط
اللغة، انتشرت تغريدات على مواقع التواصل الإجتماعي، تسأل ما إذا فرضت
الدول الأخرى على بريطانيا هذا الشرط، فهل سيتمكن البريطانيون من التحدث
بالإسبانية والألمانية بطلاقة مثلا؟
مخاوف متزايدة وتفاصيل غائبة
لا تفاصيل كافية في البيان وهذا ما ورد حرفياً في متنه، لكن مع ذلك بدأت
المخاوف تزداد لاسيما في قطاعات متعددة تعتمد على المهاجرين، أبرزها قطاعات
الصناعة والزراعة والخدمات، فالعديد من شركات هذه القطاعات تحتاج إلى عدد كبير من
العمال وفي العموم غالبيتهم من المهاجرين.
وبتطبيق
الإجراء الجديد، ستتكبد الشركات
خسائر فادحة تؤثرعلى الاقتصاد البريطاني. مازن وهو صحفي مهاجر، مقيم في
بريطانيا قال لمهاجر نيوز إن المتضرر من النظام هم أرباب العمل في بعض
القطاعات المهنية كالمطاعم والخدمات والتي لا يستهان بحجم الدخل الذي تدره
على مصلحة الضرائب، بالإضافة إلى قطاع الصحة الذي يعيناي أساسا من نقص في
الطواقم الطبية من ممرضين وفنيين. صيغ النظام بذهنية رجل قانون عادي يريد
تحويل المجتمع إلى نخبة وهذا أمر مستحيل.
وتعتقد جمعية الرعاية المنزلية في
المملكة المتحدة أنه "من غير المسؤول" عدم اتخاذ أي إجراء للعمال ذوي
الأجور المنخفضة مثل الممرضات في المنازل. وقالت الجمعية "من خلال هذا الإجراء
فإننا نمهد الطريق لحرمان بعض المرضى من الرعاية والانتظار الطويل غير الضروري في
المستشفيات".
الهدف الاقتصادي سيبقى حاضرا
براق،
لاجئ في بريطانيا، يعمل في قطاع التكنولوجيا يعتقد أن "المسألة واضحة،
تحاول الحكومة التخلص من مهاجرين ومهن معينة من الممكن أن تأخذ
محلها آلات وأجهزة خاصة، في سبيل تدريب البريطانيين وتأهيلهم وتوفير فرص
عمل لهم، إما لسد الفراغ الذي سيحققه النظام الجديد أو لوظائف أخرى جديدة
ربما تواكب الخطة الاقتصادية. لربما ستتأثر
الشركات الصغيرة وبعدها الكبيرة، وينتج عن هذا تأثيراً سلبيا على الجميع
وأنا من
بينهم، لكن أعتقد أن نسبة هذا الاحتمال ضئيلة. وأعتقد أن الشركات بعد سنة
أو سنتين
ستوجد آليات للتأقلم، والحكومة أيضاً، ففي النهاية سيعملون على تحقيق
الغايات
الاقتصادية والأرباح".
ولكن ومع ذلك يعتبر آخرون بأن هاجس الشركات لن يكون إلا بالبحث عن
موظفين لملئ الفراغات الشاغرة، وهو أمر صعب قال مسؤول أسكتلندي إنه غير قابل
للتحقيق في 10 أشهر فقط.
فعلى سبيل المثال ونقلا عن صحيفة نيويورك تايمز، فإن شركة "بريت-أ-مونجيه" للأطعمة قالت إنهم لا يستطيعون ملئ الفراغات الشاغرة بتوظيف مواطنين
بريطانيين، فبشكل عام واحد من بين 50 طلب بالتوظيف يصلهم يكون لأشخاص بريطانيين.
ماذا عن السياح؟
سيسمح
لأكثر من 3 ملايين مهاجر من أوروبا بالبقاء في المملكة المتحدة، وستتمدد
إقامات بعض المزارعين والعاملين في قطف الثمار حتى عام 2020، أي ما بين
2,500 إلى 10,000 شخص.
السياح الأوروبيون لن تطلب منهم تأشيرة كما هو معتاد، ولكن
لن يمكنهم الدخول باستخدام بطاقة الهوية الشخصية، بل سيتوجب عليهم الدخول بجواز السفر.
أما السياح من خارج دول الاتحاد، فعليهم طلب التأشيرة كما في السابق.